هل تتمايل المرأة اللبنانيّة نجاحًا؟
تحاول المرأة اللبنانيّة، كأيّ مواطنة فاضلة أن تكون السند القويّ لبلدها، فهي تساهم بطريقة مباشرة بتدبير شؤون بيتها، وبالتالي تساهم بشكلٍ كبير في التخفيف من وطأة الانهيار الاقتصاديّ، وها هي اليوم تقوم بمجهودٍ جبّار لضمان التحاق أبنائها وبناتها بالعام الدراسيّ الجديد، فتجدّد، وتستبدل، وتبتكر، وكلّ شيء على حساب وقتها وجهدها، من دون المساس بمقدار اهتمامها وحنانها.
تحاول المرأة اللبنانيّة، كأيّ مواطنة فاضلة أن تكون السند القويّ لبلدها، فهي تساهم بطريقة مباشرة بتدبير شؤون بيتها، وبالتالي تساهم بشكلٍ كبير في التخفيف من وطأة الانهيار الاقتصاديّ، وها هي اليوم تقوم بمجهودٍ جبّار لضمان التحاق أبنائها وبناتها بالعام الدراسيّ الجديد، فتجدّد، وتستبدل، وتبتكر، وكلّ شيء على حساب وقتها وجهدها، من دون المساس بمقدار اهتمامها وحنانها.
ولا ننسى أنّ مساهمة شابّات وسيّدات لبنان لا تقتصر على الإطار الداخليّ والمحلّيّ، فيبذلن المجهود الجبّار من أجل رفع اسم لبنان عالميًّا. ففي اليومين الماضيين، تألّقت ٣٦ فتاة، لتقدّم بلوحة فنّيّة-ثقافيّة إمكانات لبنان، ووجهه الحضاريّ على إحدى أهمّ مسارح العالم، وبالطبع نعني فرقة "الميّاس" في برنامج(America’s Got Talent) الأشهر عالميًّا. فهنّ حملن رسالة الأمل الّتي يحتفظ بها كلّ لبنانيّ ولبنانيّة، من أجل مستقبلٍ أفضل، يعكس تاريخ لبنان وحضارته.
إنّ ما قامت به المرأة اللبنانيّة على الصعُد الفنّيّة والرياضيّة والثقافيّة، لبنانيًّا وإقليميًّا وعالميًّا... يأتي أحيانًا كردّة فعل غير مباشرة على تحجيمها في الحياة السياسيّة، فهي لا تتمتّع بالتمثيل الانتخابيّ العادل، ولا تتبوأ كذلك المناصب القياديّة على وجهٍ واسع، فهي تعيش في بلد لا يُنصفها، مع أنّها تمثّل نصف مكوّنه، بلدٌ يحفظ دستوره في مادّته السابعة ضمان المساواة بين الرجل والمرأة من دون أيّ تمييز، فهي تواجه عقبات هيكليّة تنتج إمّا من القوانين الموضوعة، أو الحدّ من إمكانيّة تلقّي التدريب المناسب، والاستفادة من الموارد المتوفّرة.
وفي حين تفتّش اللبنانيّة على تمثيلٍ وزاريّ أو برلمانيّ يُنصِفها، يعرف العالم اليوم الكثير من رئيسات وزراء، وآخرهنّ "ليز تراس"، رئيسة وزراء بريطانيا الّتي وعدت بلادها بخطط جريئة لتساعدها على اجتياز المصاعب الاقتصاديّة الّتي تواجهها حاليًّا. أو "سانا مارين" رئيسة وزراء فنلندا، أصغر امرأة تعتلي هذا المنصب في التاريخ، الّتي تحمل معها حداثة غير نمطيّة في إدارة البلاد، والّتي تعتبرها مجلّة التايم من إحدى أكثر الشخصيّات المؤثّرة في العالم مستقبلًا. وهذا الحضور بدأ يشمل العالم العربيّ، مع السيّدة نجلاء بودن رمضان، الّتي تكافح من أجل إعادة النهوض ببلدها تونس، مهد الربيع العربيّ.
واقعيًّا، يبقى المجتمع المدنّي اللبنانيّ يناضل لإعطاء المرأة حيّزًا أوسع من نظيره السياسيّ، وتمثيلًا أحقّ في ظروف مؤسّساتيّة غير مناسبة. وعلى الرغم من عمل الجمعيّات غير الحكوميّة الّتي تسعى إلى تمكين المرأة في المجتمع، يبقى يا للأسف قانون الأحوال الشخصيّة، والمحاكم الشرعيّة، منزّهًا عن كلّ تغيير. كما أنّ ميزان الأجور غير عادل، على الرغم من أنّ قانون العمل يفرض الأجر المتساويّ في الأعمال المتماثلة بغضّ النظر عن الجنس. قد يعتمد ظهور المرأة اللبنانيّة في بعض الميادين على الظروف الاستثنائيّة أو الموهبة الشخصيّة، كما رأينا في الأمثلة الّتي سبق أن ذكرناها. لكن أيكفي الاعتماد على الصُدَف؟ بالطبع لا، لكي نُعلي شأن المرأة في لبنان، علينا أن نعتمد الخطط المدروسة، كدعم الإناث في القطاع التعليميّ الّذي يُشير إلى بعض البوادر الإيجابيّة، فقد تحسّنت الإحصائيّات بما يخصّ تعليم الفتيات، إذ أنّ التعليم الجامعيّ والمهنيّ يشكّل دافعًا يقود اللبنانيّات إلى مزيد من الانخراط في العمل المجتمعيّ والسياسيّ مستقبلًا، وهذا ما سيعود بالنفع على الجميع، عندما تبذل الزوجة والأم والأخت والشريكة عقلها وقلبها وكيانها في سبيل أبناء وطنها وبناته.
ويبقى السؤال: متى تُستَغل النساء؟ ونقصد المعنى الإيجابيّ لا السلبيّ، فاللبنانيّات يمثّلن شريحة غير مُستَغلَّة من القوى العاملة اللبنانيّة، على رغم أهليّتهنّ الأكاديميّة والمهنيّة، فمشاركتهنّ في سوق العمل، أحد ركائز الاقتصاد السليم. لكنّ، المجتمع اللبنانيّ يبقى ذو بنية ذكوريّة، لا ينظر إلى المرأة نظر الندّ، بل نظرة تحكمها العادات المتوارثة والفوقيّة، وهي بحاجة إلى تغيير جذريّ.
أخيرًا، نتمنّى من النساء ألّا يبقين متفرّجات، وتقتصر فرحتهنّ على لحظات محدودة ترشّحها إلينا وسائط التواصل الاجتماعيّ لإنجازٍ فنّيّ هنا أو هناك. بل، على المرأة أن تبحث عن تمكينها في المجتمع بنفسها، وتزيد من ثقتها وتعزّز قدراتها كي تأخذ حقوقها بيدها، وتدفع باتّجاه مراجعة الأنظمة والقوانين وإصلاحها، فهي تمثّل رأس مال بشريّ مهمّ لأيّ بلد، وخصوصًا ذلك الّذي يحتاج إلى فرص حقيقيّة للاندماج والمشاركة المتكافئة، في بحثه عن بلدٍ يعمّه السلام المجتمعيّ، وديمومة السعادة.